HUMAN FRATERNITY FOUNDATION
Volunteer news Projects MEMBERS Contact Home
image

The ninth conference of the Abu Dhabi Peace Forum

image

2022-11-13

من 8 إلى 10 نوفمبر 2022.

 

بدايةً أتقدمُ بخالصِ الشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعبا، لتنظيم واستضافة هذا المؤتمر،

وخالص الشكرِ لمعالي فضيلة الشيخ المجدد عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيّه، رئيس مجلسِ الإماراتِ للإفتاء الشرعيِّ، ورئيس منتدى تعزيزِ السلم، على هذا الموعدِ السَّنَويِّ الذي يؤكد حِرْصَ فضيلَتِه على تناوُلِ القَضَايَا العربيةِ والعالميَّةِ من منظورٍ إسلاميٍّ مُعْتَدِلٍ يعكس روحَه الحضارية الراقية.

كما لا يفوتني أن أشكرَ اللجنةَ المنظمةَ لهذَا المؤتمَرِ، على مجهودَاتِها البَيِّنَةِ.

وأتقدمُ بالتحية للسادَةِ الحضورِ من مختلف أنحاءِ المعمورة.

وانطلاقا من عنوان المؤتمر: "عولمة الحرب وعالمية السلام: المقتضيات والشراكات"، ومن وثيقة الأخوة الإنسانية، التي تم توقيعها من طَرَفِ قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، في 4 فبراير 2019، على أرض الإمارات الطيبة، سأتكلم عن ثلاثة محاور:

  • أولا حاجة العالم للسلام - ضرورة السلام
  • ثانيا رجال الدين والسلام
  • ثالثا السلام ثمرة العمل والحوار والعدل والشجاعة والصلاة

 

مقدمة:

وثيقةُ الأخوةِ الإنسانيةِ هي دعوة للسلام، فالسلام العالمي هو هدفُها الأهمُّ وعنوانُها: "وثيقـة الأخــوة الإنســانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك".

تذكر الوثيقة كلمة "سلام" تسعَ مراتٍ.

كلمةُ "سلام" هي الكلمةُ التي نجدُها في عنوانِ الوثيقَةِ وفي آخرِ عبارَاتِها: "هذا ما نَأمُلُه ونسعى إلى تحقيقِه؛ بُغيةَ الوُصولِ إلى سلامٍ عالميٍّ يَنعمُ به الجميعُ في هذه الحياةِ".

 

أولا حاجة العالم للسلام - السلام ضرورة

لا يوجدُ تقدمٌ أو ازدهارٌ بلا سلامٍ. السلامُ هوَ التربةُ التي يَنْبُتُ فيها كل خيرٍ، وبدونها لا ينبتُ سوى الخرابِ والدمارِ والموتِ. السلامُ ليس رفاهيةً بل حاجةٌ أساسيةٌ للإنسانِ وللإنسانيةِ.

يقول قداسة البابا فرنسيس: "السلام ليس فقط غيابُ الحربِ، بل هو حالةٌ عامةٌ يكونُ فيها الإنسانُ في وئامٍ مع نفسِهِ، في وئامٍ مع الطبيعةِ وفي انسجامٍ مع الآخرين. إلا أنَّ إسكاتَ السلاحِ وإخماد الحربِ يظلُّ الشرطَ الحَتْمِيَّ لِبَدْءِ مسارٍ يؤدي إلى تحقيق السلامِ بمختلفِ جَوَانِبِه".

وإنِ لم نؤمنْ بأن السلامَ هو احتياجٌ إنسانيُّ أصيلٌ وأساسيٌّ، كالماءِ والطعامِ والأمنِ، تصبحُ كلُّ أحادِيثِنَا مجردَ شِعَارَاتٍ بلا مَضْمُونٍ.

تقولُ الوثيقةُ: ننطلقُ من "القناعةِ الراسخةِ بأنَّ التعاليمَ الصحيحةَ للأديانِ تَدعُو إلى التمسُّك بقِيَمِ السلامِ وإعلاءِ قِيَمِ التعارُّفِ المُتبادَلِ والأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ والعَيْشِ المشترَكِ".

يؤكد قداسة البابا فرنسيس: "لا للحربِ، لا للعنفِ، نَعَمْ للحوَارِ، نعم للسلامِ! بالحربِ نخسَرُ دائِمًا. الطريقةُ الوحيدةُ لكسبِ الحربِ هيَ عدَمُ القيامِ بها".

 

ثانيا رجال الدين والسلام

يُقال إن السلامَ يُشْبِهُ زهرةً هشّةً تحاولُ أن تتفتَّح وَسَطَ أحجَارِ العُنْفِ.

لا شكَّ أن دورَ رجالِ الدينِ في تثبيتِ ونشرِ قِيَمِ السَّلامِ هوُ دورٌ محوريٌّ ينبعُ من واجبِهِم الدينيِّ والمجتمعيِّ والإنسانيِّ. فلا يمكنُ لرجلِ دينٍ حقيقيٍّ إلا أن يكونَ "رجلَ سَلَامٍ"، وكلُّ رجلِ دينٍ يدعو للصدامِ وللعنفِ ولرفضِ الآخرِ هو بالتأكيدِ انحرافٌ واختلالٌ واستغلالٌ لدورِهِ.

وهنا تؤكدُ الوثيقةُ: أنَّ "الأديانَ لم تَكُنْ أبَدًا بَرِيدًا للحُرُوبِ أو باعثةً لمَشاعِرِ الكَراهِيةِ والعداءِ والتعصُّبِ، أو مُثِيرةً للعُنْفِ وإراقةِ الدِّماءِ، فهذه المَآسِي حَصِيلَةُ الانحِرافِ عن التعاليمِ الدِّينِيَّة، ونتيجةُ استِغلالِ الأديانِ في السِّياسَةِ، وكذا تأويلاتُ طائفةٍ من رِجالاتِ الدِّينِ - في بعض مَراحِلِ التاريخِ - ممَّن وظَّف بعضُهم الشُّعُورَ الدِّينيَّ لدَفْعِ الناسِ للإتيانِ بما لا علاقةَ له بصَحِيحِ الدِّينِ، من أجلِ تَحقِيقِ أهدافٍ سياسيَّةٍ واقتصاديَّةٍ دُنيويَّةٍ ضَيِّقةٍ؛ لذا فنحنُ نُطالِبُ الجميعَ بوَقْفِ استخدامِ الأديانِ في تأجيجِ الكراهيةِ والعُنْفِ والتطرُّفِ والتعصُّبِ الأعمى، والكَفِّ عن استخدامِ اسمِ الله لتبريرِ أعمالِ القتلِ والتشريدِ والإرهابِ والبَطْشِ؛ لإيمانِنا المُشتَرَكِ بأنَّ الله لم يَخْلُقِ الناسَ ليُقَتَّلوا أو ليَتَقاتَلُوا أو يُعذَّبُوا أو يُضيَّقَ عليهم في حَياتِهم ومَعاشِهم، وأنَّه - عَزَّ وجَلَّ - في غِنًى عمَّن يُدَافِعُ عنه أو يُرْهِبُ الآخَرِين باسمِه".

ما من شكٍّ في أن الدينِ هو وسيلةٌ أساسيّةٌ لبناءِ الوعيِ الجَمْعِيِّ، ولكن عندما لا يُحَوِّلُ المؤمِنُ إيمانَه لخدمَةِ المجتمَعِ البشريِّ، قد يُصبُحُ الدينُ أداةَ قمعٍ وتهميشٍ وحتى تدميرٍ، أداةَ حربٍ وموتٍ، أداة تبريرٍ للعنفِ والإرهابِ.

وهنا تؤكد الوثيقة: "إنّنا نحن - المُؤمِنين باللهِ وبلِقائِه وبحِسابِه - ومن مُنطَلَقِ مَسؤُوليَّتِنا الدِّينيَّةِ والأدَبيَّةِ، وعَبْرَ هذه الوثيقةِ، نُطالِبُ أنفُسَنا وقادَةَ العالَمِ، وصُنَّاعَ السِّياساتِ الدَّولِيَّةِ والاقتصادِ العالَمِيِّ، بالعمَلِ جدِّيًّا على نَشْرِ ثقافةِ التَّسامُحِ والتعايُشِ والسَّلامِ، والتدخُّلِ فَوْرًا لإيقافِ سَيْلِ الدِّماءِ البَرِيئةِ، ووَقْفِ ما يَشهَدُه العالَمُ حاليًّا من حُرُوبٍ وصِراعاتٍ وتَراجُعٍ مناخِيٍّ وانحِدارٍ ثقافيٍّ وأخلاقيٍّ".

       واختتم هذا الجزء بتأكيد فضيلة معالي الشيخ عبد الله بن بيه، أمامَ قادَةِ الدياناتِ العالمية الذي نظمتُه وزارةُ الخارجيةِ الألمانيةِ في العاصمةِ برلين، على أن واجب الجميعِ اليومَ هو العملُ متحدين، والتفكيرُ معاً للخروج بالعالم من وضعِ التوتر والاحترابِ الذي يعيشُه. وعلى دورِ رجل الدين المُتَمَثِّلِ في تأصيلِ السلامِ بمراجعةِ المفاهيمِ وتقديمِ القراءةِ الصحيحةِ والتأويلِ السَّليمِ في ضوءِ الواقعِ المعاصرِ بلا تبديلٍ ولا تحريفٍ، بحيث تقدمُ حقائقَ الدينِ في انسجامٍ مع متغيراتِ العصرِ.

 

ثالثا السلام ثمرة العمل والحوار والعدل والشجاعة والصلاة

  1.  ثمرة العمل

لا نبلغُ السلامَ بالتمني بل بالعملِ المخلصِ والشَّاقِّ والصبورِ والمتأنِّي. فالسلامُ، في الواقعِ، هو نتيجةٌ لرؤيةٍ متكامِلَةٍ تقوم على أساسِ المسؤوليّةِ المتبادَلَةِ والترابُطِ بين البشرِ، وتتأسسُ على مفهومِ الأخوَّةِ. السلامُ هو بناءٌ يتمُّ تشييدُه يومًا بعد يومٍ. السلامُ هو تغييرُ القلبِ والرُّوحِ.

يقومُ السَّلَامُ في الواقعِ على ثلاثةِ أبعادٍ لا يمكنُ الفصلُ بينَها:

 السلام الداخليُّ مع الذاتِ: عبر رفضِ التشدُّدِ والغَضَبِ والعُنْفِ، فبِدُونِ التَّحَلِّي بقليلٍ من العُذوبَةِ تُجَاهَ الذاتِ، لن يكونَ بمقدُورِنَا عَيْشُ العذوبَةِ مع الآخرين؛

 - السلامُ مع الآخرِ: القريبِ، الصديقِ، الفقيرِ، المتألّم... فنتجاسرُ على اللقاءِ ونُصْغِي إلى الرسالةِ التي يحمِلُها معه. تقول الوثيقة: "باسمِ الله الَّذي خَلَقَ البَشَرَ جميعًا مُتَساوِين في الحُقُوقِ والواجباتِ والكَرامةِ، ودَعاهُم للعَيْشِ كإخوةٍ فيما بَيْنَهم ليُعَمِّروا الأرضَ، ويَنشُروا فيها قِيَمَ الخَيْرِ والمَحَبَّةِ والسَّلامِ".

السلامُ مع الخليقَةِ: فنعيدُ اكتشَافَ عَظَمَةِ هِبَةِ اللهِ وقَدَرِ المسؤوليّةِ الواقعَةِ على عاتقِ كلِّ واحدٍ منّا، بِصِفَتِهِ أحدَ سكّانِ العالَمِ، وكمواطنٍ وكمسؤولٍ عن الخليقةِ والمستقبَلِ.

 

  1.  ثمرة الحوار  

يُؤَكِّدُ قُدَّاسَةُ الْبَابَا فرنسيس أنه: "إِمَّا نَبْنِي الْمُسْتَقْبَلَ معًا وَإِلَّا فَلَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مُسْتَقْبَل. لَا يَمُّكُن لِلْأَدْيَانِ، بِشَكْلِ خاص، أَنْ تَتَخَلَّى عَنِ الْوَاجِبِ الْمِلْحَ فِي بَنَّاءِ جَسُورٍ بَيْنَ الشُّعُوبِ وَالثَّقَافَاتِ. لِقَدَّ حَانَ الْوَقْتُ لِلْأَدْيَانِ أَنْ تَبْذُلَ ذاتها بِشَكْلِ فَعَالٍ، وَبِشَجَاعَةٍ وَإقْدَامٍ، وَبِدُونِ تَظَاهُرٍ، كَيْ تُسَاعِدَ الْعَائِلَةَ الْبَشَرِيَّةَ عَلَى إِنْضَاجِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُصَالَحَةِ، وَرُؤْيَةٍ ملُؤهَا الرَّجَاءَ، وَاِتِّخَاذَ مَسَارَاتِ سَلَّامٍ مَلْمُوسَة".

الحوار هو ثقافة علينا أن نزرعها في قلوب وعقول الأجيال الشابة. تقول الوثيقة: "نُطالِبُ بأن تُصبِحَ هذه الوثيقةُ مَوضِعَ بحثٍ وتأمُّلٍ في جميعِ المَدارسِ والجامعاتِ والمَعاهدِ التعليميَّةِ والتربويَّةِ؛ لتُساعِدَ على خَلْقِ أجيالٍ جديدةٍ تحملُ الخَيْرَ والسَّلامَ، وتُدافِعُ عن حقِّ المَقهُورِين والمَظلُومِين والبُؤَساءِ في كُلِّ مكانٍ".

 

  1. ثمرة العدل

السلام هو ثمرة العدل، وقد قال قداسة البابا في البحرين منذ أيام: "الله هو ينبوع السَّلام. فليمنحنا أن نكون قنوات سلامه في كلّ مكان! ... انّ إله السّلام لا يقود أبدًا إلى الحرب، ولا يحرّض أبدًا على الكراهية، ولا يؤيّد العنف أبدًا. ونحن، الذين نؤمن به، إنّنا مدعوّون إلى تعزيز السّلام بطرق السّلام، مثل اللقاء والمفاوضات الصّابرة والحوار، الذي هو أكسجين العيش المشترك معًا... إنّ [العدل] هو الطّريق، بل هو الطّريق الوحيد، بما أنّ السّلام هو "عمل العدل" (دستور رعائي في الكنيسة في عالم اليوم، فرح ورجاء، 78). فهو ينبع إذن من الأخوّة، وينمو بمقاومة الظلم وعدم المساواة، ويُبنى بالتضافر وتشابك الأيدي" (كلمة في اختتام المؤتمر السّابع لقادة الديانات العالميّة والتّقليديّة، 15 أيلول/سبتمبر 2022). لا يمكن إعلان السَّلام فقط، بل يجب ترسيخه. وهذا ممكن بإزالة عدم المساواة والتّمييز اللذين يولّدان عدم الاستقرار والعداء".

 

  1. ثمرة الشجاعة

يقول قداسة البابا فرنسيس: إن "صنع السلام يتطلب شجاعة تفوق بكثير شجاعة خوض الحروب (...) نحتاج إلى الشجاعة لنقول نعم للقاء ولا للصدام، نعم للحوار ولا للعنف، نعم للتفاوض ولا للعداوة ... لنسأل الله أن "يبعث في داخلنا شجاعة القيام بأعمال ملموسة من أجل بناء السلام" (حديقة الفاتيكان، مساء الأحد في الثامن من يونيو/ حزيران 2014).

لن يكونَ هناكَ سلامٌ بدون شجاعةِ اتخاذ المبادراتِ،

وشجاعةِ القيامِ بالخطوةِ الأولى بدون انتظار خطواتِ الآخرينَ،

وشجاعةِ التقريبِ بين الناسِ وزرعِ الوئامِ بينَهُم،

وشجاعةِ التجرُّدِ من كل ما يَعُوقُ السلامَ،

وشجاعةِ التجرد في التفكير في المصلحة الشخصية من أجل المصلحة العامة،

وشجاعةِ قولِ الحقيقةِ بلباقةٍ وأدبٍ،

وشجاعةِ الدفاعِ عن حقِّ الآخرينَ في العيشِ بسلامٍ بنفسِ القوَّةِ التي ندافعُ بها عن حقِّنَا،

وشجاعةِ التحرُّرِ من الكيل بمكيالين،

وشجاعةِ التجديدِ في الخطابِ الديني والسياسي والمجتمعي وتنقيةِ موروثِنا التاريخي والديني والثقافي من كل ما يعيق السلام، 

وشجاعةِ الانفتاحِ على الآخرين بدون أحكامٍ مسبقةٍ وأفكار مُعَلَّبَةٍ سابقا،

وشجاعةِ محاسبةِ الذات قبل اتهام الآخرين بالتقصير،

وشجاعةِ الاعتذار عن أخطاءِ وجرائمِ الماضي،

وشجاعةِ اتخاذ مواقفَ واضحة وغير ملتبسةٍ ضد كلِّ تُجَّارِ الدين وتجار الحربِ وتجار السلاحِ،

وشجاعةِ بناءِ السلامِ.

 

  1. ثمرة الصلاة

نؤمن جميعا بأن اللهَ، عز وجل، هو الخالقُ القادرُ على كل شيءٍ، وأنه هو اللهُ وربُّ السلامِ وأن السلامَ هو هبةٌ من لَدُنِهِ يمنَحُها لخليقَتِهِ المتعطشةِ للسلامِ، لذا علينا كرجالِ دينٍ وكمؤمنينَ رفعَ الدعاء دائما طالبين السلام:

"نَطلُب مِنكَ يا رَب أن تَرفَع الحُروب والدَّمار عن جَميع البُلدان وأن تزرع السلام في القلوب والعقول والوجدان،

نطلب منك أن تطفئ فتيل الحروب في البيوت والأوطان، وكُلُّنا ثِقة بِرَحمَتِكَ ومَحَبَّتِك، وسَنُصَلِّي دائِماً وبِكُل إلحاح لِكَي يَنتَشِر سَلامَك ويَسود في العالَم، لأن لا سَلام إلَّا بِمَعرِفَتِكَ أنتَ يا إلهَ السَّلام".

 

المونسنيور د. يوأنس لحظي جيد

السكرتير الشخصي السابق لقداسة البابا فرنسيس

رئيس مؤسسة الأخوة الإنسانية للخدمات

عضو اللجنة العليا للإخوة الإنسانية

رئيس جمعية بامبينو جيزو الإيطالية


Source



Related news